آثرتُ صمتِي فاستهلَ رثائِي
وبقيتُ وحدي أستلذُ بُكائِي
وصعدتُ استبقِي الحياةَ وهدّني
ألمي وجال بخافقِي خُيلائي
في كلِ زاويةٍ يُطاردني الردى
ويطولُ من لُقيا الردى إعيائي
أنىَ ألتفتُ أرىَ الحياةَ بلاقعاً
وأرىَ بكلِ بُقيعةٍ بلُواي
قد أعتمت كُل الدروبِ بساحتِي
و أضعتُ في ليلِ العناءِِ ضِيائي
ضاعَ الرجاءُ هُنا وحاط بجثتي
ماءٌ يريدُ بدفقهِ إِطفائِي
ما عادَ في رمقِ الحياةِ سِوى الردىَ
ينتابُ أوردتي ودفقَ دمائِي
والـقلبُ تـُثقلهُ الهمومُ بوقعِها
ويثيرُ أوجاعَ الأنينِ بكائِي
ما بالهُ الطوفانُ يزحفُ شطه
ويحوطني من سائرِ الأرجاءِ
ما بالـه الطُّوفانُ سدَّد سهمُه
نحوي...وضاقَ من البلاء فضائِي
وتكادُ تَخطفُنِي الرياح بهوجها
وتخرُ من هولِ الدمارِ سمائِي
وتكادُ تصعقُني مناظرُ إخوةٍ
شطَّت بهم أمواجه الهوجاءِ
دفنت معالمهمُ وأنهّت عهدهم
وغدوا كنصِ صحيفةٍ بيضاءِِ
في كل مفترقٍ تلوحُ شخوصهم
لتمدّ صرخةَ نجدةٍ ونداءِ
رحلوا عن الدنيا بغيرِ تحيةٍ
وطواهم الطوفانُ دون عناءِ
لكأنهم ما سطروا أعمارهــم
أضحوا كأغربِِ قصةٍ بكماءِ
وطواهـم الطوفانُ في جبروته
وغدوا كطيفٍ موجزِِ الأنباءِ
كم من ديارٍ أقفرّت من أهلها
لتطلَ صورةَ عِبرةٍ دكناءِ
* *
* *
وغدوتُ أرفلُ في حنوطِ منيتي
ويثورُ بينَ جوانحِي استجدّائي
ربّاهُ .. قد ضاقَ الوجودُ وملنِي
هذا العمودُ وخانَنِي استقّوائِي
رباهُ .. قد عَظمتَ مصائِبنُا فمن
يا ربُ غيركُ يسـتجيبُ دُعائِي
* *
* *
لكن برغم فجِيعتِي في خافقي
أملٌ وتسليمٌ بكلِ قضاءِ
لكأنهُ الطوفانُ رغمَ عِتوهِ
طهرٌ يُزِيلُ جرائمَ السفهاءِ..