- خبرٌ مؤلم تداولته وكالات الأنباء عن انتحار نائب مدير مدرسة ثانوية في كوريا الجنوبية في الفترة الماضية وذلك بعد إنقاذه من غرق العبارة الكورية الجنوبية (سيول) حيث أعلنت الشرطة الكورية الجنوبية أنه انتحر لاحقاً بعد إنقاذه من الغرق بعدما اصطحب تلاميذه على متن عبارة انقلبت قي البحر ، مع تلاشي الآمال في العثور على أحياء من بين 274 مفقودا في الحادث.
- وكانت العبارة تحمل 476 من الركاب وأفراد الطاقم بينها مجموعة من طلاب المدرسة الثانوية التي يعمل بها ، إذ كانوا في رحلةٍ أثناء العطلة.
- الخبر المؤلم يخفي وراءه ملامح إنسانية بالغةُ الرقى ، فانتحارُ نائب مدير المدرسة هو تعبير ضمني عن تحمل المسؤولية على الرغم من أن الحادث عرضي ولا علاقة له به ، أو تسبب فيه ، وهو كان أحد الضحايا قبل أن يكتب الله له عمراً جديداً عندما تم إنقاذه من الغرق ، ولكن إحساسه العالي بالمسؤولية وكونه يتحمل جزءً من تلك المسؤولية جعلته يتخذ موقفاً أدبياً جعله ينهي حياته على هذا النحو منتحراً ، إما أسفاً على أرواح تلامذته الذين لم يستطع حمايتهم ، أو إنهاءً لآلام نفسية عصيبة عاشها الرجل كونه في موضع المسؤولية ولم يتمكن من فعل شيء .
- تأملت هذا الخبر بمزيد من الأسى على حال مسؤولينا العرب إبتداءً من أعلى الهرم وحتى أقل درجة وظيفية في أجهزتنا الإدارية .
- سرحت بخيالي قليلاً وأنا أتصور لو أن كل مسؤول عربي أتخذ موقفاً أخلاقياً وأدبياً وقام بما تمليه عليه مسؤوليته ، وعندما يفشل في ذلك ينهي حياته بأي شكلٍ كان لأنه لا يستحق أن يكون على هذه الأرض فضلاً عن أن يكون على رأس المسؤولية طالما أنه لم يستطع أن يقوم بما تمليه عليه وظيفته .
- ماذا لو استرسلنا قليلاً في هذا الحلم ، ماذا لو تصورنا أن وزير الصحة أقدم على الانتحار لأنه لم يستطع توفير الرعاية الصحية اللازمة في أٌدنى صورها ، وماذا لو سمعنا خبراً مفاجئاً عن اختفاء وزير الطرق والأشغال لأنه لم يقم بواجبه الوظيفي والوطني في التأكد من سلامة خطوط الطرق وصلاحيتها وعدم وجود الحفر والمطبات في كل متر منها .
- وماذا لو استيقظنا يوماً لنسمع خبراً أن وزير الخدمة المدنية قد رمى نفسه في البحر وانتحر لأنه لم يتمكن من توفير الوظائف المناسبة أو غير المناسبة للشباب المتقاطر على رصيف البطالة .
- وماذا لو أن وزير الدفاع أو الداخلية وُجد منتحراً بمسدسه الشخصي على مكتبه في الوزارة بعد أن كتب إعتذاراً للشعب عن عدم قدرته عن حماية أبناءه أو حدوده من القتل والخطف .
- لو امتلك مسؤولونا ذرة من المسؤولية لكنا قد شهدنا رسائل تعزية وحداداً متواصلاً يبدأ ولا يتوقف ، ولارتاحت البلاد والعباد من كابوس جائمٍ مخيف ، ولانفتحت للشعوب نوافذ ضوءٍ وأملٍ في مستقبلٍ أفضل .
- ولأن الانتحار محرم في ديننا الإسلامي فهل يختفون من حياتنا على الأقل وينزوون في محاريبهم يكفرون عن ذنوبهم التي ارتكبوها في حق هذه الشعوب المغلوبة على أمرها .؟
- هل يفعلون ..؟
- لا يكاد يبدو سوى حلمٍ لن يتحقق .!!
-
- محمد فقيه
- Twitter: @mafaqeeh