حوار صحيفة الصحوة مع الشاعر محمد فقيه ..
الشاعر فقـيه:فلسطين هي جواز القصيدة، وقضايا الأمة حاضرة في المشهد الشعري .
العلاقة بين الفن والالتزام هي علاقة تلازمية في النص الشعري النابض بالحياة.
هناك قامات شعرية فارعة لم تجد الاهتمام اللائق بها، ربما لأن زامر الحي لا يُطرب.
الصحوة - حاوره: عبد الغني المقرمي - 11/01/2009
قال أن قصيدة النثر كائن فني جميل، لا يجيد التعاطي معه إلا أقل القليل، وأنَّ العلاقة بين الفن والالتزام هي علاقة تلازمية في النص الشعري النابض بالحياة، وأكّد أن الشعر عاد إلى الصدارة بعد أن ظنَّ الجميع أن العصر عصر الرواية، وأنَّ المشهد الشعري في اليمن شأنه شأن المشهد الثقافـي عموما يعاني من قلة الرواد والمتابعين والمهتمين، وأنَّ هناك قامات شعرية فارعة لم تجد الاهتمام اللائق بها، ربما لأن زامر الحي لا يُطرب.
الشاعر محمد أحمد فقيه أمين سر المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي في اليمن ناقش في هذا الحوار قضايا أدبية
* ماذا عن بدايتك مع القصيدة، وإلى أين وصلت معها..؟
- بدأت مع القصيدة منذ وقتٍ مبكر، ولكني كنت -وما زلت - بين كرٍ وفر مع الشعـر، فلم أمتلك زمامه تماماً، لم أتوقع أن أكون شاعراً يوماً ما، وأتمنى أن أملك قياد الشعر بشكلٍ كافٍ فـي يومٍ ما.
* حصلت على جائزة رئيس الجمهورية فـي الشعر للعام2007، ما الذي تمثله مثل هذه الجوائز بالنسبة للشباب..؟
ـ جوائز رئيس الجمهورية للشباب دائما أردد بأنها: جائزة بحجم هذا الوطن الممتد، وهي تخلق التنافس الشريف بين شباب الوطن وتدفع بالكثير نحو مربع الإبداع والإمتاع، ويبذل الشباب من أجل الفوز بها جهوداً كبيرة ليقدموا أنفسهم فرساناً لهذه الجائزة، أنها تمثل آمالاً عريضة لثلة من الشباب الطامح.
* يلاحظ من خلال مجموعتك الأولى (هجير) الصادرة عن الأمانة العامة للجائزة، أنك اقتصرت في كتابتك الشعرية على النمط العمودي فهل ثمة موقف فني خلف هذا الاقتصار؟ وما المدرسة الشعرية التي تنتمي إليها.؟
ـ مجموعتي الأولى (هجير) والتي صدرت ضمن إصدارات الأمانة العامة لجوائز رئيس الجمهورية للشباب هي واحدة من مجموعتين تقدمت بهما للتنافس على الجائزة، وهي المجموعة الوحيدة التي تعمدت أن تكون على النمط العمودي، لحاجةٍ فـي نفسي، ولديّ ثلاث مجموعات أخرى يتداخل فيما بينها النمط العمودي وشعر التفعيلة، وأما المدرسة التي أمثلها، فلا أستطيع أن أصنف نفسي فـي أي مدرسةٍ منها، فلي كتابات قد تندرج ضمن المدرسة الكلاسيكية، كما توضحها مجموعتي (هجير)، ولي كتابات أخرى قد تغير هذه النظرة.
* الالتزام والإبداع الفني… كيف يوفق الشاعر بين هذين البعدين، بما لا يطغي أحدهما على الآخر..؟
ـ التوفيق بين الالتزام والإبداع الفني هو التحدي الحقيقي لأي شاعر أو مبدع فـي أي فن، ولقد أصبحت العلاقة اليوم بين الالتزام والإبداع علاقة عكسية - للأسف – فكلما كان النص أكثر التزاماً أو مضموناً عالياً، كان أقل إبداعاً، والعكس صحيح، والمبدع الحقيقي هو الذي يستطيع التوفيق فيما بينهما، فبدون الإبداع لا يمكن أن نسمي ما نكتبه أدباً، وبدون الالتزام أو المضمون الهادف يصبحُ ما يُكتبُ عبثاً.
والموهبة الحقيقية للمبدع هي التي تبرز هنا وتحسم القضية، فالمبدع يفرض عليه التزامه أن يكتب أدباً هادفاً، ولا يعفيه ذلك أن يهمل فـي أدواته الفنية، فالأدب يحلق بجناحي المضمون أو الالتزام والإبداع الفني، فالمضمون مهما كان سامياً لا يشفع أبداً أن نكتب أدباً خالياً من الفنية، وإلا لا يستحق لقب (الأدب).
* إلى أي مدى يمكن القول أن هناك – اليوم – شعراء جندوا مواهبهم تحت مظلة الأمة..؟ وإلى أين يتجه الشعر حالياً من وجهة نظرك.؟
- يمكنني الجزم أن هناك عشرات بل مئات من الشعراء ممن أوقف موهبته تحت مظلة الأمة على امتداد عالمنا العربي والإسلامي، لقد اتسعت الرقعة كثيراً، لقد أصبح الجميع بلا استثناء يكتب عن الأمة وقضاياها المصيرية، ويبقى فقط اختلاف الرؤى والتوجهات فـي هذه الكتابات، قد نختلف مع بعض هذه التصورات، أو نتصادم معها، الجميل أننا أصبحنا كلنا في الهم شرق ، وشركاء، مهما اختلفت الرؤى والتوجهات.
أما الشعر العربي فأرى أنه يتجه للصدارة بعد أن ظن الجميع أن الزمن زمن الرواية، فعاد الشعر ليبطل هذا الظن، وهو قادمٌ بقوة للساحة، ولم يكن غائباً طوال الفترة الماضية لكن قل الاهتمام به، واحتلت القصة والرواية الصدارة، لكن أرى أن الغد القريب سيكون للشعر الصدارة، جنباً إلى جنب مع بقية الفنون الأدبية الأخرى.
* كيف تقيم قصيدة النثر؟ وهل تعتقد أنها أضافت شيئاً للشعر العربي؟
- قصيدة النثر أقبلها مضموناً، وأرفضها مصطلحاً، ولي محاولات فـي كتابتها، فما يسمي بقصيدة النثر تحمل بعضها ومضات جميلة ومعاني مبتكرة، لكن أساء لها من دخل مضمارها ممن لا يجيدهـا، ولو تأملت ساحة هذه القصيدة لوجدت أقل من واحد من ألف فـي المائة (0.001% ) من يجيد هذه الكتابة، وبغض النظر عن مصدر هذا الشكل الجديد ومن أين جاء، لكن الذي يهمنا هو كيف نوظف هذا الشكل الجديد ضمن ما نؤمن ونلتزم به.
وإن كنتُ أرفض أن يُسمى قصيدة يمكن تسميته قولاً شعرياً – كما ورد فـي بعض مصادرنا التراثية – أو يمكن أن يحال لجهة النثر، والنثر له مكانته العالية فـي أدبنا العربي، وقديماً قالوا: يأتي النثر عندما يعجز الشعر.
وأما ما أضافته قصيدة النثر للشعر العربي فتكاد أن تكون محدودة جداً، لأنها أصبحت مرتعاً سهلاً لمن هب ودب، ودخلها من لا يجيدها، وفقدت بريقها الخافت، وطغى عليها الأدعياء وغاب عنها المبدعون الحقيقيون
* ما موقع فلسطين فـي خارطتك الشعرية وماذا كتبت لها..؟
- فلسطين لها مكانة عميقة فـي قلب كل مسلم، وهناك من أوقف شعره عليها، ولها مكانة عزيزة فـي قلبي، ولأنها جواز مرور للقصيدة؛ فقد كتبت لها كثيراً، وإن كانت مساحتها فـي شعري لا توازي مكانتها العالية فـي وجداني، ربما لأنه كلما كان الشيء عزيزاً وغالياً، كان التعبير عنه قاصراً وقليلاً، لأنك لا تجد الكلمات الكافية لتعبر عما يجول في نفسك، هذا ما أعانيه شخصياً، ليس مع قضية فلسطين فحسب بل مع أقرب الناس إليّ.
* كيف تقرأ المشهد الشعري فـي اليمن..؟ وما الذي أضافه مكتب رابطة الأدب الإسلامي فـي صنعاء لهذا المشهد..؟
- المشهد الشعري في اليمن شأنه شأن المشهد الثقافـي العام يعاني من قلة الرواد والمتابعين والمهتمين، أما على مستوى الشعراء فهناك قامات شعرية فارعة لم تجد الاهتمام اللائق بها، ربما لأن زامر الحي لا يُطرب، وهناك اتساع ملحوظ يعيشه الشعر بشكل عام على مستوى جميع الاتجاهات، وعشرات القصائد التي تُنشر أسبوعياً عبر الصحف والمجلات اليمنية – على تفاوت فيما بينها - تشهد لهذا الحراك الجميل.
والمكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية باليمن ومقره الرئيسي في صنعاء حاول أن يرفد المشهد الشعري خاصة والأدبي بشكلٍ عام، بعدد من الفعاليات النوعية التي تركت بصمات واضحة فـي هذا المشهد قد تكون الخطوات بطيئة لكنها عميقة، فعلى مستوى الشعر أقام المكتب العديد من الأمسيات والصباحيات الشعرية لعل أهمها: صباحية شعرية مع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بمناسبة ذكرى الوحدة اليمنية وصباحية شعرية حول ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعاون مع مركز الإرشاد النفسي والتربوي بجامعة صنعاء ومهرجانيين للشاعرات بالتعاون مع جامعة العلوم والتكنولوجيا- فرع الطالبات، غير ما تم إقامته داخل مكتب الرابطة لعدد كبير من الشعراء اليمنيين وقراءات شعرية في إبداع عددٍ منهم.
وهنا باسم الهيئة الإدارية للمكتب أدعو جميع المهتمين بقضايا الأدب والثقافة للمساهمة في أنشطة المكتب بالإعداد والمشاركة لتفعيل المشهد الثقافي العام داخل هذا الوطن الذي يزخر بالعديد من المبدعين والقامات التي لم تنل حقها من التعريف والإشهار والذي هو من أهم أهداف مكتب الرابطة في اليمن، والذي يتمثل في تقديم مثل هؤلاء للمثقف اليمني والعربي، ورفد الساحة الأدبية بكل ما هو جديدٍ ومفيد.