.

 حوار موقع مأرب برس مع الشاعر محمد أحمد فقيه ..

 أمين سر المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي ..

 

حاوره/ عبدالمنعم الشيباني

 

الثلاثاء 18 نوفمبر - تشرين الثاني 2008

 

 

 

شاعرٌ رقيقٌ ولا عجب فأهل تهامة (أرقُ قلوباً وألين أفئدة).

وتهامة ديوانٌ كبير من الشعر العربي والحبُ العربي..

 

إن تُـتْهمي، فتهامـةٌ وطني..

أو تُنجدي..إنَّ الهوى نـجدُ..

 

ما الذي يميزُه عن غيره من الشعراء الشباب ( وحتى الشيوخ)..؟!

يميزه تلازمٌ بين إنسانٍ جميل وشاعرٍ جميل، ثم نضيفُ عنصراً ثالثاً الإنسان مع المنهج التربوي الفريد بحكم الانتماء الجميل للمنهج الجميل، تلازمٌ بين هذه الأقانيم من غير انفصام...

قد يحدثُ أن نقرأ شعراً بديعاً لشـاعرٍ لا يسكنه إنسـانُ بديع،  بـل ( عضروطٌ فظيع ) حسب تعبير المؤرخ اليمني المرح عبدالملك الشيباني.

إذاً هناك فرقٌ بين الشاعر الإنسان والشاعر العضروط- إذا صح لنا أن نستعير هذا المصطلح من مؤرخ اليمن عبدالملك مرشد الشيباني مأرب برس تسلط الضو عن قرب مع الشاعر محمد أحمد حسن فقيه

 

*   هل تظن أن مشروع الأدب الإسلامي يسير باتجاه الغايات التي أسس لها الأديب الراحل نجيب الكيلاني؟

 

** الأدب الإسلامي مشروع أمة والدكتور نجيب الكيلاني رحمه الله ممن ساهم في بلورة هذا التوجه بكتابه القيم مدخل إلى الأدب الإسلامي وبكتاباته الروائية والشعرية الأخرى كجانب تطبيقي، وهناك الكثير ممن ساهم فـي تأسيس هذا المفهوم، منهم على سبيل الذكر لا الحصر، الأستاذ محمد قطب، والدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا، والدكتور عبدالباسط بدر، والدكتور عدنان علي رضا النحوي وغيرهم الكثير، وكان قيام رابطة الأدب الإسلامي العالمية بدعوة من مؤسسها والداعي لقيامها وأول رئيس لها سماحة الشيخ أبو الحسن الندوي دعماً قوياً لهذا المشروع، وتبلورت الكثير من الأفكار والمفاهيم والمصطلحات فـي الجانب التنظيري بالذات، قد تحدث اختلافات ما بين كل تصورٍ وآخـر، لكن المشروع مصطلحاً وتطبيقاً أصبح واقعاً، لا أحد يستطيع إنكاره، وتبقى الاختلافات إن وجدت حول بعض التصورات والاجتهادات التي لا تفسد للود قضية.

 

ولقد أصيح للأدب الإسلامي رابطة عالمية واثنا عشر مكتباً حول العالم وخمس مجلات ناطقة بلغات مختلفة، مسيرة الأدب الإسلامي مستمرة، قد يحدث قصور أو أخطاء، هذا يحدث مع كل مشروع كبير، وأنا على يقين بأن ربابنة الأدب الإسلامي قادرون على تلافـي القصور وتصحيح الأخطاء، والسير لأبعد مدى بسفينة الأدب الإسلامي الهادف.

 
 

*   أنا مؤمنٌ يقيناً أنك ممثلٌ جميل لما يسمى (( مدرسة الأدب الإسلامي)).

 

كيف تقرأ تجربة الشاعر محمد فقيه في ضوء خصائص تلك المدرسة؟

 أم أن تجربتك الوجدانية الشاعرية هي انعكاس فطري وتلقائي للإنسان في داخلك من غير حاجة، إلى الحديث عن مدارس الأدب وسماتها؟

 
 ** مدرسة الأدب الإسلامي أو مذهب الأدب الإسلامي، اتجاه له قاعدته الواسعة والكبيرة بامتداد العالم الإسلامي، ومحمد فقيه ممن يحاول الانتساب إلى هؤلاء، وليس كلهم، وهناك من يخطئ –للآسف- في توصيف الأدب الإسلامي بأنه أدب الوعظ والإرشاد والدعوة فحسب، الأدب الإسلامي منبعه الإسلام الشامل لكل جوانب الحياة الدينية والاجتماعية والإسلام لم يحارب الغرائز البشرية، بل هذبها، وأوجد لها السبل السوية لإشباعها، ولعلك ترمي من خلال سؤالك إلى الغزل، وأذكر –إن لم تخني الذاكرة- أنني سمعتُ منذ زمن ما يروى عن حبر هذه الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنه، أنه يكون في مجلس علم، فإذا مر به عمر بن أبي ربيعة، وهو من هو في أشعار المجون والغزل، كان يجلسه ويستنشده الشعر، وهناك قصة تروى معناها أن الأجل لما نزل   بعمر بن أبي ربيعة نظر إلى أخيه، وقال له: ما ترجو لي..؟!

 

فقال: أسأل الله أن يغفر لك ويرحمك.

فقال عمر: إني لأرجو الجنة.

فقال أخوه: وشعرك وما كنت تعمل...

 

فقال: والله ما حللت إزاري على حرامٍ قط.

 

فالشاهد أن الأدب يُهذب النفوس ويسمو بها، والغريزة إن لم تُشبع بطريقة سوية وشرعية، ستشبع بطرق أخرى، فعلى الأديب الملتزم أن يقدم صورة مشرقة للأدب شعراً أو نثراً بما يتواءم مع النفس البشرية وغرائزها، في إطار شمولية الإسلام لنواحي الحياة المختلفة، فالرسول – صلى الله عليه وسلم – استمع لقصيدة كعب بن زهير الشهيرة ( بانت سعاد ) ولم ينكر عليه تغزله، مع ما في القصيدة من تجسيم لأجزاء من جسد المرآة فـي بعض الأبيات، أعود وأقول: الأدب الإسلامي شامل لجميع مناحي الحياة من شمولية الإسلام لها، والغرائز البشرية إن لم تهذب وتُـشبع بطريقة سوية، ستجد طرقاً غير ذلك كثيرة.

والأدب الإسلامي كذلك هو تعبير فني هادف حسب تعريف رابطة الأدب الإسلامي العالمية له، وبذلك لا يُقبل من أي أديب تجاوز الشرط الفني مهما سما المضمون الفكري، وهنا يكون الفرق ما بين القصيدة والخطبة.

 

*   يقولون الجمهور نصف القصيدة وفـي تعز ( كلها) لماذا يغيب جمهور الشعر والأدب فـي صنعاء ويحضر في تعز؟؟

 

** لماذا يغيبُ الجمهور..؟!

الجمهور لم يعد -للأسف -مهتماً بالأدب و الثقافة، قد تكون تعز استثناءً، -لا عجب- فتعز عاصمة اليمن الثقافية منذ تاريخٍ قديم، ونظراً للظروف الاقتصادية أصبح الجميع جمهوراً ومبدعين مستهلكين، لا يجد الواحد منهم وقتاً للجلوس مع أبنائه، فضلاً عن حضور أمسية شعرية أو فعالية ثقافية، ويبقى لكل قاعدةٍ شواذ.

 

* يقول محمد فقيه ((قصتي مع الشعر قصة ٌ لم أتبين ملامحها بعد، رغم مرور سنوات منذ لقيته واتفقنا على المضي معاً، لكنه خانني في مواقع عدة كنت أريد أن يسعفني فيها ولو بأبياتٍ تخلد هذه الموقعة أو تلك، بينما ينهمرُ بأبيات في لحظات))

ماذا يقصد محمد فقيه بهذا.؟

 

** أقصد بهذا أنني ما زلت بين كرٍ وفر مع الشعــر، فلم يملك قيادي بعد، ولم أمتلك زمامه بالشكل الكامل، ولعل تجاذبات الحياة المختلفة تسهم فـي ذلك، لم أتوقع أن أكون شاعراً يوماً ما، وأتمنى أن أملك قياد الشعر بشكلٍ كاملٍ فـي يومٍ ما.

 

* شِعرك رقيق وحتى (الثائر) منه.. ما هي ملامح الشعر لدى شعراء تهامة التي تميزهم عن غيرهم من شعراء اليمن..؟

 
 

** نبرة شعري تكاد تكون هادئة أكثر منها رقيقة، وشعراء تهامة يميزهم عن غيرهم  عدة أمور، أذكر أهمها، وهي: الجزالة والشفافية والوضوح والصور التعبيرية البديعة والتناغم مع الطبيعة، خاصة فـي مواسم الأمطار وأيام الحصاد، والشعر التهامي الفصيح أو الشعبي يمتاز بمعاني الحب والشوق، وتتدلى منه زهورٌ جميلة، تأسرك بجمالها وجلالها، الشعر التهامي كالفل التهامي، لا تستطيع الفكاك منه، وما عليك سوى أن تعيد استنشاقه مرة بعد أخرى.

 
 

* أيُّ الألقاب أحبُّ أليكَ.. أيها الأديب الشاعر والشاعر الأديب..؟

 

>   الأديب الإنسان..

 > الأديب الملتزم ..

 > أديب الأمة..


 

**   أنا لست ممن يحب أو يطمع إلي الألقاب الكبيرة أو الرنانة، حسبي أني إنسانٌ وكفى.. 

 
 

* اقطف أو اختر للجمهـور أحلى سنبلتين من ديوانك الشعري..


 

** لا يوجد لدي أحلى وأقبح، أو أحسن وأسوأ، كل ما كتبته أعتز به، و أنثر هنا مختارات منه..