طباعة 

 

قراءة في ديوان " جراح على الدّرب "

للدكتور / عدنان علي رضا النحوي

 

 أتركيه هـناك …. ! ما زال فـيـه   

   رَمَـقٌ خَـافِـقٌ وهَمـسُ ضُلـُوعِ

أُتْـركيـه هُـنَيْـهةً …! لا تَظُنّي   

  أنَّـها ضجْعةُ الـوداع الـمُــرِيعِ

ما رَمتْهُ الجِراح ! ما خانه السّرْ  

 جُ … ! وما ضَلّ في هوىً ووُقُـوعِ

بـلْ أحـاطتْ بـه المـقادير تَبْلـو     

ه … ! عـلى عِـزّةٍ وصَبْر وَسِيـعِ

ومَضـى ثابتاً .. ! يَمُدُّ مـع اللّــ   

ـيل شُمُوعاً ..  موصولة بشموع (1)

ومع الليل والشموع وللشعر بدأت أتلمّس الدرب وأبحر في الجراح ، بدأت وأنا أتردد حيناً ، وأعثر أحياناً ، وأحاول أن أتلمّس روائع الدكتور عدنان علي رضا النحوي في ديوانه الرائع " جراح على الدرب " والذي هو على " على الدرب نفسه … ! " على صراط مستقيم ، درب العقيدة والإيمان ، وسبيل البذل والإحسان بين أشواكٍ وأزاهير ، ودماءٍ ونفحات عبير ، دربٌ خطه الله لعباده المؤمنين ، ونهجٌ رسمه الله ربّ العالمين .(2)

لا يملك الإنسان نفسه وهو يتجوّل بين صفحات الديوان إلا الإكبار لروح هذا الأديب الفذّ ، الذي رسم حياته وصاغ آمال وآلام أمّته أبياتاً من القصيد وطرفاً من رائع النشيد ، ويشدو بحثاً عن الظلال وهرباً من الهجير .

ولَـكَـمْ هَـرَعْـتُ إلـى الـجِـنَـا 

 نِ … وَرَبْـوة … ونـدى الطِّـلال

وَلـكَـمْ هَـربْـتُ مِنَ الـهَــجـــ

  ـيرِ … أَغـيبُ فـي بَـرْدِ الظِّـلال

ولَمَـمْـتُ مـن بـيـن الجَــدَا

 وِلِ هَمْـسـتي ... وصدى خـيـالي

وجـمَعـْت مـنْ بـيـنِ الحصى  

زُهْــرَ الـجـــواهِــرِ والّـلآلــي

ونَـزَلـتُ ودْيـانـاً … وسَــــا

  بَـقَتِ الـخُـطــا قِمَـمَ الجِـبال(3)

وبعد بحث وعناء طويلين وبعد إنهاك وتعب وشِكاة .. وجد ضالته .. أين وجدها ؟

وَ رَجـعتُ أبْحثُ فـي الـحـقـيـ 

ـقةِ … في الطّهارة … في الجمال

فوَجَدتها … في النّفس … في الأعـ

 ـمـاقِ … فـي شـرف الفِـعَـال

فـي رَفّـةِ الإيـمـان … فـي الأ

 نـداءِ … فـي عُـقْـبـى مـآل(4)

وعلى الدرب كانت هناك وردة ودماء "لبنان الجميلة لبنان الوردة" غرقت في بحر من الدماء بحر هائج مائج ، إنها دماء الأبرياء التي غمرت الأرض ابتداءً من الحرب الأهلية ، وتواصلاً مع الغزو الصهيوني الحاقد والهجوم الجبان لليهود الأنذال بمختلف أسلحتهم على مرأى من العالم ومسمع .. !!

يـا ثـورة الشّهوات يا حُمّى الهوى   

 مَـسْعُـورةً مَـخْــمـورةً بـِـدوارِ

ماتـتْ بها دُنْيا الرّجُـولة وانـطوى 

 زَهَـرُ الـعـفافِ وفُـضّ طُــهْر إزار

فـتفرّقتْ لُبْـنـان … ! أيّ طوائفٍ   

 صُـنِعتْ بكـيــدٍ مُحْـكـمٍ وإســارِ

المـجْرمـون ومـا أصـابوا مـقْتلا   

لـولا غـــوايـة سكْـرةٍ وخُـمـار

أو قـدْتُـمُ حـربـاً ، فـكان وقودها

  فَـلَـذات أكـْبـادٍ وساحــة دار (5)

ولقد كانت تلك الأوضاع المأساوية التي عاشتها لبنان من حرب طاحنة وشهوات عارمة سهلت لليهود زحفهم ، مهد لهم الدرب ليعيثوا في الأرض فساداً وإفساداً ، كما هي عادتهم في كل العصور والأزمان .

ويَمُـهّـدُ الـدّربَ العـصيّ لِمُجْرم   

عـاتٍ يُـطـلّ بـنصْـلـه الغـدّار

فتَـفَـتّحتْ كُـلّ الـدُّروب لـزحْفِهِ

 و تَـفَـتّحـتْ كُـلّ الـصُّدور لِنـار

ومـضى إلـى روضِ الجنوب قوافلاً 

 تـتْـرى وزَحَـف مـكـائدٍ ونفـار

قَـتلوا وما تركوا الطّفولة تَشْتكي

والـزّحف يـنْهـبُ عِفّة الأبـكار

زَحفوا كأمواج الـظلام وأقـبلـوا

كـالمـوت في الإقـبال والإصدار(6)

ويمضي في قصيدته يصف حال بيروت والمجاهدين يصف خطط الهلاك ، ما بين الصاحب والوسيط ، ما بين المأتم والعرس ، بين الحدود واللجوء والعدو و الصديق ، بين الأحلام والأوهـام والواقع المـرّ ، ويهتف في أسى " أين المسلمون ؟!"

المسلمون … وأين هُم ؟! ناموا على  

 حُــلُـمٍ وأوهــامٍ وغـفـوةِ عــار

صرعى على خدرِ الهوانِ وذلّـةٍ  

 صرعى على فـتـنٍ وكـأسِ عُـقار

مـوتى ، لتنطلي المـكائـد كُلّـها

   ويُــصَفــّق الأغـرار لـلأغـمارِ(7)

وعندما يلتقي الأدب الأصيل مع التاريخ العريق ، مع أنشودة الندوة وندوة الأدب ، مع العرائس والجواهر في لكنهو مع هدية الشعر ، يكون الإبداع والتألّق ..

عرائس الشعر ..صُوغي من جواهره 

 ورجّعي اللّحـن مـن أحـلى مزارِهِ

وفوّحي بالشذّي في زهو مَوْكِـبـِه    

 مـضـمَّخاً بـنديّ مـن مـجَـامـره

وفـتّـقـي الـورد أشكـالاً مُنَمّـقةً 

بالـرّوض …. ! حنّتْ إلى دنيا أزاهـره

هُنـا القـصيد الـذي ذَوّبْـتُه زمـناً  

على رُؤى الغـيبِ في أزْكى مشاعره(8)

ومحددا منهجه ومهمة وماهية الأدب ، وما هو إلا أدب الإسلام مستمداً من شرائعه وسلوكياته ، ومن آلام وآمال أبنائه ..

لكـنو … ! حنَانيك من شوق أُكابده

 جَمعتـه هـا هنا لـحناً لـِنـاشـره

تَمْضي الخُطا تَخْضُدُ الأشواك صاعدة

 على هدى الله آيـاً مـن بصائره

لا ينْهض الأدب الشّادي إذا وقـفت  

  حُـرُوفـه في نـوادٍ مـن حـواضـره

لـكنّما أدب الإسـلام مـعـركـةٌ  

   لـرنّة النّـصل أو وقـعٍ لـحافـره (9)

ومن لكهنو إلى حماة والنواعير .. حماة التي شهدت أحداثاً دامية وزلزالاً عنيفاً ، وكان مصابها الدامي ، هجمة الذئاب ومنايا الأرض وأنياب الأفاعي ودماء الأبرياء ..

كيف تنجو ..! وقد أحاطت بك الأرضُ

منايا..وهَجْـمةً من ذئـاب

كشّرت عـن نـيوبهـا وتـعـرّتْ  

  و ثَـبـات الـرّدى عـلـى الأنـيـاب

والأفـاعي عـلى الـدّروب فحيح   

  يتــلوّى …. ! وزمْجـراتُ الـغـاب

والضّحـايا … ! جـماجِمٌ ودمـاءٌ  

  ودُمـوعٌ تـمـرّغـتْ فـي الـتّـراب

أين تمضي ..! وحيثما مِلْتَ هَوْلٌ 

  مـلأ الأُفـقَ ظُـلْمـةً مـن حِجاب(10)

ويهتف بالنواعير ، ويقف على أطلال حماة ، يسأل عن الدار وبقايا الأعتاب والأبواب ..

جئتك اليوم يا حماة ..فأين الـدّ 

 ار ! هيّجـت حيـرتي وارتيابي

يا نواعير … ! أين غِبـت وخلّفــ 

 ـتِ ظمـاءٌ تـلـوّعـت من غِـيـاب

يا بقايا الأطلال ..! يا رهبة الصّمــتِ ..!

 بقايا الأعـتـاب والأبـواب (11)

ويهتف بحماة وبالأمة ، متسائلاً عن السيوف الباترة لا عيدان الخشب ، داعياً الأمة للتهيؤ للمنازلة والضراب ..

كيف تمضين للـمعـارك والـقيـ 

ـدُ عـلى سـاعـدٍ وفـوق رقــاب

كيف تمضين للقتال ! وأين السّـيفُ!

 هـذي الـسّيوف من أخشاب

هي من معدنٍ رخيص ومن صـفـ  

ـــقـةِ هـوان ومـن ضـياع صـواب

إيه يا أمتي  ! أفيقي  ! أفيقي 

  غَلبَ الجهلُ! فانـهضـي للضراب(12)

وعن الحرب الدائرة من أول الخليقة ، بين الإيمان والكفر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، يشدو في عزة ويقين وبصيرة نافذة ، وعقيدة راسخة مدركة لكل الأحداث التي تعتمل على هذه الأرض المترامية ..

إنّ بـين الإيـمـان والكفـر حـرباً

عُمُـرهـا عُـمـر كونـنا لا تـغـيبُ

إنّ " قُـرْآنَـنَا " يـُبـيّـنُ دربـاً   

   لِـهُـدانـا وقـد وعـاها اللـبـيـب

وسـيـبقـى ربـيـعُ كـلّ فـؤادٍ   

  شَـدْوه فـي هُـداه خَـفْـقَ رتـيب

دقّـة الـقـلـب دعـوة لإلـــهٍ    

 قـادرٍ ، للْدعاء نـعْـم الـمـُجيب (13)

نعم ! هنيئاً لكلّ قلب امتلأ " بالقرآن " وتشبّع بمبادئه .

ومع ملحمة التاريخ : " دوي التاريخ " عبر سلسلة من الإبداع والتميز في قصيدة رائعة ، تتجلى ملحمة الجهاد الخالدة ، رغم ما تعرض له الإسلام والمسلمون على مر العصور من الكيد والمكر الصليبي واليهودي ، وكان من أشدها وأقذرها الحروب الصليبية ، والتي تسترت خلف الدين النصراني لشن حرب ضروس ضد الأمة الإسلامية ومقدّساتها ، مكائد شيطانية ، ومكر بابوي ..

مكائـد … ! والشـيطان مدّ حبالها  

 وأبْـرمَ مـن نـهجٍ ومـنْ خـطـواتِ

يُجمّع مـن أهل الكتاب طـوائـفـاً  

 ويَجْمـعُ مـن كُـفرٍ طـغـى وشتات

كـأنّ بريـق الشّرق هيّـجَ فتنـةً     

 وأطْلـق مـنْهـا وثبـةَ الـشّـهوات

يُمـنّيـهمُ السّحْـرَ الغـنيَّ وجنّـةً    

وكنْـزاً بـبطـنِ الأرض والـفـلوات

ويدْفعهـم حِـقدُ الـسنين ومـوجَةٌ   

 ودفـقـةُ أجــرامٍ ونـزعُ طُـغـاة

يُوارُون أحـلامَ الضّـلال بـفريـةٍ    

 ويُخْـفون من مكرٍ ومـن غـضـبات

ويُـلقون رايـات " الصليب " أمامهم 

  سِـتاراً يُـواري نـهْمـة الغَـزوات(14)

ويتتابع الكيد والمكر الصليبي قروناً متطاولة ، والتاريخ يشهد بالحروب المتواصلة على الإسلام والمسلمين ، ليلاً ونهاراً إلى أيامنا ، وإن تغيرت الدول وتأخرت بعضها وتقدمت أخرى ، وإن تغيرت الأسماء وتبدلت المسميات .

ويقف الشاعر مذهولاً ، وهو يتعجب من فعل أبناء الخلافة في أحداث الثورة العربية الكبرى المزعومة وغيرها ، ويهتف مواسياً للخلافة الإسلامية ..

حنانيك يـا دار الخـلافة مـن أسىً  

 يمـرُّ ومـن بـلـوى ومـن حسـراتِ

وهَـنت فما هبّتْ إلـيك عـزائـم    

 ولا نـهـض الفُـرسـان مـن كبـوات

بنوك وقد أرضعتهم شيـمة الـوفـا 

عَـدَوْا بـسـيوف الغـدر والـطّعـنات

رَمَوْكِ كأنّ الدارَ لـيستْ بـدارهـم   

رمـوكِ عـلـى نـابٍ وعـضِّ شبـاة

أولئـك أبنـاء الضّـلال لـبـانُهُـم 

 مـكائـدُ كُـفّـارٍ وكـيـد عُـتـاة(15)

نعم ! إنها وضاعة ومكائد الكفار ومكرهم ، وفطموا شرّ فطام ، فبئست المرضعة وبئست الفاطمة ..

وعندما وقف القائد الفرنسي " غورو " أمام قبر صلاح الدين الأيوبي متبجحاً ، قائلاً : " ها قد عدنا يا صلاح الدين " وقف شاعرنا مع التاريخ يهتف ..

وقـفـت عـلى قـبرٍ يَضُمُّ جِـدارُهُ  

جـلالَ حـيـاةِ فـي جـلال مــمـات

أراعـك هـذا الـقبر أم راعك الذي 

يَـضُـمُّ مـن الأحـداث والـوقـعـات

حسبت الذي في القبر ميتـاً .. وإنه  

شـهـيـدٌ مـضـى لله فـي وثـبـات

فخانك من عزم الرّجال عزبـمة  

ورُحْـتَ ذليلَ الصوت والخطوات(16)

يا له من تصوير ويا لها من بلاغة ، ويا لها من قوة واعتزاز ، إنه تصوير بليغ لهزيمة من جاء زهواً بقوته متبجحاً بنصر يتيم في ركائب هزائم متتالية ، وإذا به يعود متراجعاً بهزيمة مرة وأمام ماذا ؟! أمام رفات قبر يحمل كل معاني العزة والنصر والإباء ..

تُنادي صـلاح الدين مـهلاً فـإنّـه  

 يُـدوّي دويّ الـسّـاح والـحـلـبـات

دويّاً يـهزّ الأرض تـحتكَ هــزّةً   

ويـنْـزعُ مـن جَـنْبـيـكَ أيّ ثـبـات

نـداؤك كـيد الظالميـن وكِـبْرهـُم  

وزيـفُ حـضـاراتٍ وزيـفُ دُعــاة

نـداء جبان جاوز الكِـبْرُ جُـبْـنـه  

 فـخـرَّ صـريـعِ الكِـبْرِ والسّكـرات

هُزمـتَ أمام الـقبر شرّ هـزيـمةٍ  

كـمـا هُـزِمَ الأجـداد فـي غـزوات

نِـداءُ صلاح الدين مـلءُ حـواضرٍ  

ومـلءُ زمـان زاهــرٍ بِـشـُـداة(17)

يقف شاعرنا مع التاريخ إجلالاً للسلطان عبد الحميد الثاني ، في موقفه الصلب مع اليهود وهم يساومونه ، ليبيعهم فلسطين بأموال هائلة وذهب برّاق زائف ، لا تقاومه إلا كل ذي نفس مرتفعة شريفة ، قد ملأ جوانبها حب الله وخوفه وحُبّ دينه ، والعمل لأجله ..

يُساومـك الكـفّار مـالاً وزيـنـةً   

  وزهـرة دنـيـا أو مـتَـاعَ حـيــاة

لُتُعْطيهمُ داراً وروضـاً ومـا حـوتْ

" فلـسطيـن "من قدس ومن حُرمات

فقلتَ لهم : أمضيتُ عهدي وبيـعتي 

   مع الله في سـعي وفي ركعات

وبِـعْتُ إلى الـرحـمنِ نفسي بجنّة   

  عـلى حُرقـةِ الأشـواق واللـهـفات

فـكيف تراني أرتضـي عـرضاً بها   

 إذا كـانـت الدنـيـا هَـشيـمَ نـبات

مـضـيتَ . وما لانتْ قناتُك بينهم  

وما وهنتْ نفسٌ على شّهوات(18)

يقف أديبنا مع التاريخ وقفة إجلال أمام العقد الزاهي الذي تنتظم فيه مكة وطيبة والقدس ..

أمكّةُ..والأقصى..وطيبةُ أطلقتْ كواكـبَ

 مـنْ هَدي..ومن سُبُحات

كـأنّ بـقـاع المسلـميـن لآلـئٌ   

 على عِـقدها مـوصولـةُ الخـرزات

ويَنظمـها حـبلٌ مـن الله جـامـعٌ

ويَـربـطها وثُقى مـنَ العُـرُوات(18)

نعم ! إنّها مكة ، بها أول بيت وضع للناس ، وطيبة مدينة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وبها مسجده الكريم ، والقدس وبها المسجد الأقصى ، مهبط الرسالات السماوية ، ومسرى رسولنا الكريم ، وقبلتنا الأولى . بقاع فيها ثلاثة مساجد لا تشد الرحال لغيرها ، تنتظم في عقد فريد بديع ، هو عنوان الرسالة المحمدية الخالدة الخاتمة .

نسأل الله أن يفك أسر المسجد الأقصى المبارك ويعيده إلى المسلمين مصاناً سليماً. ومع " الوهج المذاب " تروي تاريخ هجرة ودمعة لجوء وتردّد رثاء ..

رثاءً وهجاً ذاب في قربي ورحم وحناناً ذاب في أخوة ودين ، وكان الوهج المذاب والذكريات من أيام الصبا والشباب .

أتـذكرُ يـا أخي شُـطآنَ " عـكّا "    

وسُـوراً والمـسـاجـدَ والـقِـبـابـا

قـسـتْ في وجـه طارقة اللّيـالي    

وردّتْ عـاديـاً ونـفــتْ ذئــابـا

ولانـتْ فـي مـدارجهـا إلـيـنا     

تَـمدُّ لنـا الـمـسـالـك والـدّرابـا

يَـحِنّ " الـشّاطئُ الغربـي " شوقاً  

ويّـنْشـرُ من لـواعـجِـه الحَبابا (19)

ومع ذكرى التفرق واللقاء ، ذكرى أيام وصداقة أعوام …

  أحـالَ النّـوى بيني وبينـك يا أخي   

 فَـصَــرّم وُدّاً صـادقــاً وإخــاءَ

ألـمْ تـحملِ الأيّامُ ذكـرى وِدادنـا    

 وصُـحْبـةَ أعوامٍ مـضـيْنَ وفــاءَ

أُعـلِلّ نفـسـي أن يعـود إلى اللّقا   

وفـاءٌ يـضُـمُّ الـصّحْـبَ والخُلَصاء

وأنْ نصدق الرحمن عهداً على التّقى    

دَرْباً شـققـْناه يداً وعناءَ (20)

ومن خلال هذه القراءة السريعة ، نستطيع أن نستشفّ بعض ما تميّز به الدكتور عدنان علي رضا النحوي في شعره بشكل عام ، عبر هذا الديوان الرائع، والتي من أهمها :

• وضوح المنهج ورسوخ العقيدة ، والالتزام المؤثر بالإسلام التزاماً كاملاً في جميع مناحي الحياة .

• الارتباط التام بقضايا الأمة ، وآلامها وآمالها ، وأولها وأعظمها قضية المسلمين الأولى ، قضية فلسطين والأقصى ! كيف لا وهو فلسطيني أولاً ، وابن صفد الباسلة ثانياً ، إضافة إلى قضايا أفغانستان ، البوسنة والهرسك ، كوسوفا ، المسلمون في الهند ، كشمير ، وغيرها من دماء الأمة النازفة .

• الإبداع والغزارة ، وشمولية الطرح ، وصدق العاطفة .

• تجدد الفكر ، وإدراك متغيرات الساحة الدولية على مختلف الأصعدة .

• التفاؤل بالنصر للإسلام والمسلمين ، رغم كثرة المآسي ، وتخاذل المسلمين ووهنهم ، والذي هو ـ أي التفاؤل ـ ميزة من أهم مميزات الأدب الإسلامي الرائد .

• استحضار التاريخ الإسلامي الزاهر وأبطاله ، لجعله قدوة وأملاً ومثلاً أعلى لاحتذائه ، لا البكاء وذرف الدموع على مجدٍ غابر .

وفي الختام .. ماذا عساي أن أقدم عن الدكتور عدنان علي رضا النحوي حفظه الله ، وأمدّه في عمره ، ومتعنا به ، أقول ماذا عساي أن أقدم عنه ، أو عن أدبه ، حيث يقف قمة شامخةً في ساحة الأدب الأصيل الملتزم ، وهل حقّاً أستطيع أن أوفيه حقه من الثناء أو الدراسة ، ولكن يكفي ما قدمت ، وإن كان جهد المقل .. وحسبي ذلك .

 


 

 (1) الديـوان، قصيدة الجندي الجريح: ص29-30

 (2) الديـوان،  المقدمة:ص 13.

 (3)الديـوان، مع الهجير:ص 180-181.

 (4)الديـوان، مع الهجير:ص 186-187.

 (5) الديـوان، ملحمة لبنان وردة ودماء:ص 73-74.

 (6)الديـوان: ص75-78.

 (7)الديـوان:ص 87-88.

 (8)الديـوان، عرائس وجواهر: ص39.

 (9)الديـوان: عرائس وجواهر: ص0045.

 (10)الديـوان: ص91-92

 (11) الديـوان:ص 94.

 (12)الديـوان ، النواعير :ص 102-103

 (13)الديـوان ملحمة التاريخ : ص144-145 .

(14)الديـوان :ص 150 .

 (15)الديـوان :ص 161 .

 (16)الديـوان :ص 162 .

 (17)الديـوان : ص167-168 .

 (18)الديـوان :ص 174 .

 (19)الديـوان : ص206 .

 (20)الديـوان :ص 225 .